موقع استاذي – خاص
تعد مشكلة التسرب الدراسي في الأردن تحديا يؤثر على جودة التعليم والتنمية الاجتماعية.
فوفقا لبيانات وزارة التربية والتعليم الأردنية، بلغت نسبة التسرب في مرحلة التعليم الأساسي 0.34% خلال العام الدراسي 2009-2010.
وفي عام 2022، قال الناطق الإعلامي للوزارة، أحمد المساعفة، بأن نسبة التسرب المدرسي بلغت 3 لكل ألف طالب من الذكور، و4 لكل ألف طالبة من الإناث، مما يشير إلى انخفاض مقارنة بدول أخرى.
مع ذلك، كشفت بيانات دائرة الإحصاءات العامة أن عدد المتسربين في المدارس الأردنية وصل إلى 10,372 طالبا بنهاية العام الدراسي 2022.
مع تسجيل أعلى نسب التسرب في الصف العاشر الأساسي، حيث بلغ عدد المتسربين 2,008 طلاب، منهم 1,217 ذكور و791 إناث.
أسباب التسرب الدراسي في الأردن
تتعدد أسباب التسرب الدراسي، منها الضغوط الاقتصادية، وعمالة الأطفال، والزواج المبكر، وصعوبات أكاديمية.
تُقدّر الخسارة الاقتصادية الناتجة عن التسرب قبل الصف العاشر بحوالي 9.6% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2017.
ويمكن استعراض أهم أسباب ظاهرة التسرب الدراسي في الأردن بالآتي:
أولا: العوامل الاقتصادية:
الفقر والحاجة إلى العمل:
تدفع الظروف الاقتصادية الصعبة بعض الأسر إلى إخراج أبنائها من المدارس لإلحاقهم بسوق العمل، مما يسهم في زيادة عمالة الأطفال.
ثانيا: العوامل الاجتماعية:
بيئة أسرية غير مستقرة:
تؤدي المشكلات الأسرية، مثل الطلاق أو وفاة أحد الوالدين، إلى بيئة غير مستقرة تدفع الأطفال لترك الدراسة.
الزواج المبكر:
ويعد الزواج المبكر، خاصة بين الفتيات، من الأسباب الرئيسية لترك المدرسة في سن مبكرة.
ثالثا: العوامل التربوية:
ضعف المناهج وصعوبة المواد الدراسية:
يشعر بعض الطلاب بصعوبة المواد الدراسية وعدم ارتباطها بواقعهم، مما يؤدي إلى فقدان الحافز للتعلم.
أساليب التدريس التقليدية:
الاعتماد على طرق تدريس تقليدية وغير محفزة قد يسبب مللا للطلاب ويدفعهم لترك المدرسة.
رابعا: العوامل النفسية:
التنمر والعنف المدرسي:
تعرض الطلاب للتنمر أو العنف داخل المدرسة يؤثر سلبا على حالتهم النفسية، مما يدفعهم للتسرب.
الاضطرابات النفسية:
يعاني بعض الطلاب من مشكلات نفسية، مثل الاكتئاب أو القلق، مما يؤثر على قدرتهم على الاستمرار في الدراسة.
تتداخل هذه العوامل معا أحيانا، مما يجعل من الضروري تبني استراتيجيات شاملة لمعالجة ظاهرة التسرب الدراسي في الأردن.
اقرا ايضا: التعليم في الاردن .. ملخص عملي لأهم المنصات التعليمية
موقف وزارة التعليم العالي الأردنية من التسرب الدراسي
قال وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور عزمي محافظة، في تصريح اطع عليه موقع استاذي، بأن وزارة التربية والتعليم تسعى إلى معالجة هذه الظاهرة من خلال برامج تعليمية مثل:
“التعليم الاستدراكي” و”تعزيز الثقافة للمتسربين”، بهدف إعادة دمج المتسربين في النظام التعليمي.
وأكد أن الوزارة تعمل على تحسين البيئة المدرسية وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب للحد من التسرب.
وفي هذا السياق، صرّح الناطق الإعلامي لوزارة التربية والتعليم، أحمد المساعفة، بأن نسب التسرب المدرسي في المملكة منخفضة جدا، حيث تبلغ 3 لكل ألف طالب من الذكور، و4 لكل ألف طالبة من الإناث، مؤكدا أن هذه النسب لا تشكل مصدر قلق كبير.
من جانبه، أشار رئيس قسم التعليم غير النظامي في وزارة التربية والتعليم، خالد المحارب، إلى أن الوزارة تتعامل مع مشكلة التسرب بأسلوبين:
الوقائي والعلاجي.
ويتضمن الأسلوب الوقائي متابعة حضور وغياب الطلبة، وتوثيق دوامهم اليومي، وتطوير نظام إدارة المعلومات التربوية لرصد حالات التسرب.
أما الأسلوب العلاجي فيشمل :
تنفيذ برامج التعليم غير النظامي، مثل برنامج تعزيز الثقافة للمتسربين، الذي يهدف إلى إعداد وتأهيل الأطفال المتسربين من التعليم.

التسرب الدراسي ظاهرة عالمية
قال وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور عزمي محافظة أن مشكلة التسرب المدرسي ليست حكرا على الأردن، بل هي ظاهرة عالمية تستدعي حلولا مبتكرة، مثل تحسين البيئة المدرسية لتكون أكثر جذبا للطلاب.
كما دعا الوزير الجامعات إلى تحديث خططها التدريسية وتدريب كوادرها لتلبية متطلبات سوق العمل المتغير، مشيرا إلى أن منهاجا جديدا للمهارات الرقمية سيُطلق قريبا لدعم هذه الجهود.
ووفقا لتقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم لعام 2020:
فإن هناك ملايين الأطفال والمراهقين حول العالم خارج النظام التعليمي، مما يشكل تحديا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالتعليم.
وتتطلب معالجة ظاهرة التسرب الدراسي تعاونا مشتركا بين الحكومات، والمؤسسات التعليمية، والمجتمعات المحلية لضمان توفير بيئة تعليمية داعمة وشاملة للجميع.
بحيث تعالج كل أسباب الظاهرة ابتداء من العوامل الاقتصادية مرورا بالعوامل الاجتماعية والتربوية وانتهاء بالعوامل النفسية.
وحسب التقرير المشترك بين منظمة اليونيسف ومعهد الإحصاء التابع لليونسكو، فإن:
معدلات التسرب الدراسي في التعليم الابتدائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انخفضت إلى النصف تقريبا.
ومع ذلك، لا يزال هناك 4.3 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي، و2.9 مليون طفل في سن المدرسة الإعدادية لم يلتحقوا بالمدارس.
وفي العراق الجار المحاذي للأردن أفادت تقارير بأن هناك نحو 3 ملايين طفل عراقي خارج النظام التعليمي، مما يشكل تحديا كبيرا لمستقبل البلاد.
رغم نفي المتحدث باسم وزارة التربية العراقية حيدر فاروق ذلك، مؤكدا بعدم وجود إحصائية دقيقة لعدد الأطفال ممن هم خارج المدارس.
وفي المغرب تشير الدراسات إلى أن عوامل مثل هشاشة المحيط الاجتماعي والاقتصادي للمتعلمين، بالإضافة إلى عوامل تتصل بالمنظومة التربوية والبيئة المدرسية، تسهم في ارتفاع معدلات التسرب الدراسي.
تجربة الأردن في معالجة ظاهرة التسرب الدراسي
وفقا للمجلس الأعلى للسكان في الأردن فقد تسرب حوالي 44 ألف طالب من المرحلة التعليمية الإلزامية بين عامي 2011 و2019.
ومع هذا تعد نسبة التسرب من المدارس في الأردن قليلة، إذا ما قورنت مع النسب في الدول العربية والعالم.
وهو ما يؤكده الناطق الإعلامي لوزارة التربية والتعليم الأردنية د.عاصم العمري، إلى أن نسبة التسرب في المملكة قليلة إذ ما قورنت بالنسب في الدول العربية والعالم، اذ تتراوح في الأردن بين 3 إلى 4/ 1000 طالب، وتعد من أفضل النسب عالميا.
ولمواجهة هذه الظاهرة، اتخذت وزارة التربية والتعليم الأردنية عدة إجراءات، منها:
إنشاء مراكز تعزيز الثقافة للمتسربين:
أنشأت الوزارة 204 مراكز في مختلف أنحاء المملكة، يلتحق بها نحو 4,000 دارس، بهدف إعادة دمج المتسربين في النظام التعليمي.
مبادرات معالجة التسرب المدرسي:
أطلقت الوزارة مبادرات لدراسة ظروف المتسربين والعمل على معالجتها، بالتعاون مع الجهات المعنية.
التعاون مع المنظمات الدولية:
بالتعاون مع منظمة “إنقاذ الطفل”، أُجريت دراسات لرصد اتجاهات المتسربين وأولياء أمورهم، بهدف تحسين بيئة مراكز تعزيز الثقافة وتسهيل إعادة إلحاقهم بالتعليم النظامي.
وأكد مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية والتعليم الأردنية سابقا د.محمد أبوغزلة:
“التعليم حق أساسي وإنساني، ويجب أن يحصل عليه الفرد بموجب الدساتير والمواثيق الدولية والتشريعات، وفي الأردن حق التعليم إلزامي”.
اقرا ايضا: أهمية التعليم الإلكتروني في الجامعات الأردنية

وطرح الدكتور محمد أبو غزلة، عدة توصيات لمعالجة ظاهرة التسرب الدراسي، منها:
- تطوير التشريعات الإلزامية: تحديث القوانين لإلزام الأهل بالإبلاغ عن حالات التسرب، مع تطبيق إجراءات رادعة تضمن التحاق الطلبة بالمدارس حتى سن معينة.
- تحسين جودة التعليم: الاستمرار في تطوير المناهج الدراسية بالتعاون مع المركز الوطني للمناهج، لتكون أكثر تفاعلا مع اهتمامات الطلبة، وربطها بالمهارات الحياتية والتوظيفية لزيادة دافعيتهم للتعلم.
- توفير بيئة تعليمية آمنة ومحفزة: ضمان بيئة مدرسية جاذبة تشجع الطلبة على الاستمرار في التعليم وتحد من التسرب.
- تطوير التعليم المهني: التوسع في مبادرات تطوير التعليم المهني ومساراته، لربطها باحتياجات السوق والمجتمع، مما يعزز فرص التوظيف للخريجين.
- تفعيل قوانين عمل الأطفال: تشديد الرقابة على تطبيق قوانين منع عمل الأطفال، لضمان عدم انخراطهم في سوق العمل قبل إكمال تعليمهم.
- استخدام منهجيات علمية لرصد التسرب: إنشاء قاعدة بيانات دقيقة لتحديد أسباب التسرب ووضع خطط لمعالجتها، بما يضمن تحقيق تعليم مستدام مدى الحياة.
تأتي هذه التوصيات في إطار الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الوزارة على تحسين جودة التعليم وتوفير بيئة مدرسية جاذبة، من خلال تطوير المناهج وتدريب المعلمين.
كما تسعى إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب المعرضين لخطر التسرب، وتعزيز التواصل بين المدرسة والأسرة لمتابعة تقدم الطلاب وحل المشكلات التي قد تؤدي إلى التسرب.
تتطلب معالجة ظاهرة التسرب الدراسي في الأردن وفي المنطقة ككل جهودا متكاملة من جميع الجهات المعنية، لضمان توفير بيئة تعليمية داعمة وشاملة، تسهم في تقليل معدلات التسرب وتحسين جودة التعليم.
اقرا ايضا: دليل أفضل الكليات في عمّان ومعدلات القبول لعام 2024
تابع ايضا: مؤسسة يونيهاوس البريطانية الدولية والتميز في مجال المنصات الرقمية التعليمية